لماذا يبقى البعض في زواج غير ناجح؟
هل وجدت نفسك يومًا تتأمل علاقتك الزوجية وتتساءل بصوت خافت: "لماذا ما زلت
هنا رغم أني لست سعيدًا؟"
ربما تشعر أن الانفصال هو الخيار المنطقي، لكن في كل مرة تقترب فيها من اتخاذ
القرار، تتراجع خطوة إلى الخلف، وكأن هناك خيطًا خفيًا يشدك للبقاء. كثيرون
يعيشون هذه الحيرة المؤلمة، يتأرجحون بين الرغبة في الرحيل والخوف من
المجهول.
في هذه السطور، سنتأمل سويًا الأسباب النفسية والإنسانية التي تجعل البعض يستمرون في زواج غير ناجح، رغم شعورهم بالاستنزاف أو الفتور، وسنتحدث أيضًا عن كيفية الوصول إلى قرار أكثر وعيًا وسلامًا.
ما ستجده في المقال
- الخوف من اتخاذ القرار
- الشعور بالذنب وتأنيب النفس
- الأعباء المالية وضغط المسؤوليات
- القيود الدينية والاجتماعية
- الأمل في التغيير
- الإحساس بالالتزام تجاه الشريك والعائلة
- مبرر "الأمور ليست بهذا السوء"
- كيف تتخذ قرارك بوعي وطمأنينة
- الأسئلة الشائعة
الخوف من اتخاذ القرار
الخوف هو أول جدار يقف بين الإنسان وحريته. في العلاقات الزوجية، يظهر الخوف
بعدة وجوه: الخوف من الندم، الخوف من الوحدة، أو الخوف من تدمير حياة الأطفال.
يتردد البعض لأنهم يخشون أن تكون خطوة الطلاق قرارًا لا عودة فيه، أو أن
يكتشفوا لاحقًا أنهم أخطأوا.
من ناحية أخرى، يقف الخوف المادي كعائق لا يُستهان به، فالكثيرون
يقلقون بشأن الاستقرار المالي بعد الانفصال، أو كيف ستبدو الحياة إن أصبحوا
مسؤولين عن أنفسهم بالكامل.
حتى الخوف من نظرة الآخرين، ومن مواجهة عائلات لا تتفهم قرار الطلاق، يمكن أن
يجعل البعض يختار البقاء رغم الألم، وكأن المعاناة داخل الزواج أقل قسوة من
مواجهة المجهول خارجه.
الشعور بالذنب وتأنيب النفس
وراء كل علاقة مضطربة، هناك قلب يثقل بالذنب. يشعر البعض أنهم مسؤولون عن فشل
العلاقة، أو أنهم لم يمنحوا الشريك فرصة كافية.
يتردد آخرون في المغادرة لأنهم يرون في ذلك خذلانًا، سواء لأنفسهم أو
لشريكهم أو لعائلاتهم.
هذا الشعور بالذنب يزداد حين تكون هناك أخطاء قديمة، مثل الخيانة أو الإهمال،
تجعل الشخص يعتقد أنه "مدين" بالبقاء.
لكن في الحقيقة، الشعور بالذنب لا يُصلح علاقة مكسورة، بل يربط الإنسان
بدائرة من التأنيب والتردد، تجعله يعيش في الماضي بدل أن يواجه الحاضر.
الأعباء المالية وضغط المسؤوليات
الواقع المالي لا يقل تأثيرًا عن المشاعر.
البعض يعرف تمامًا أنه يعيش في زواج غير سعيد، لكنه لا يستطيع الرحيل لأن
الطلاق يعني عبئًا اقتصاديًا جديدًا، أو مسؤوليات مضاعفة.
النساء خصوصًا قد يجدن أنفسهن في مأزق صعب إذا كنّ قد تفرغن للمنزل لسنوات
طويلة، مما يجعل فكرة العودة للعمل مرهقة نفسيًا وماديًا.
كما أن الالتزامات المالية المشتركة — مثل القروض أو مصروفات الأطفال — تُعقد المشهد أكثر. وهكذا يصبح الاستمرار خيارًا واقعيًا أكثر من كونه عاطفيًا، وكأن الشخص يقول لنفسه: “لن أكون سعيدًا، لكن على الأقل سأبقى مستقرًا.”
القيود الدينية والاجتماعية
في مجتمعاتنا العربية، لا يزال الطلاق محاطًا بوصمة ثقيلة.
يخشى البعض أن يُنظر إليهم كمذنبين، أو أن يخذلوا أهلهم الذين يرون في استمرار
الزواج علامة نجاح.
من ناحية أخرى، تلعب القيم الدينية دورًا عميقًا، إذ يرى البعض أن الطلاق
آخر الحلول، وأن البقاء رغم الألم أكثر "فضيلة" من الانفصال.
لكن علينا أن نميز بين احترام القيم الدينية وبين تقديس المعاناة. الدين لم يُرد أن يعيش الإنسان في علاقة تستنزفه أو تجرّده من كرامته، بل دعا إلى السكن والمودة والرحمة، وهي المعايير الحقيقية التي تُقيم بها العلاقة الزوجية.
الأمل في التغيير
الأمل جميل، لكنه حين يتحول إلى وهم يصبح عبئًا.
يعيش كثيرون على أمل أن "الأمور ستتحسن قريبًا"، أو أن "الشريك سيتغير مع
الوقت"، فينتظرون سنوات على وعد غير مُعلن.
يحاول البعض تطوير أنفسهم أو تعلم التواصل بشكل أفضل، لكنهم يصطدمون بجدار من
اللامبالاة من الطرف الآخر.
أحيانًا يكون البقاء بدافع الأمل في التغيير مجرد
آلية نفسية للهروب من المواجهة. لأن الاعتراف بأن العلاقة انتهت مؤلم أكثر من الانتظار.
لكن الاستمرار في علاقة بلا نمو يشبه البقاء في بيت لا تدخله الشمس؛ مألوف
لكنه خانق.
الإحساس بالالتزام تجاه الشريك والعائلة
بعض الأشخاص يشعرون أن الرحيل خيانة، حتى لو كانت العلاقة تؤذيهم.
قد يكون الشريك مريضًا أو معتمدًا عاطفيًا، فيتولد إحساس بالواجب: “كيف أتركه
وهو بحاجة إليّ؟”.
وقد يكون الالتزام تجاه الأطفال سببًا آخر، إذ يخاف الآباء من أن يتأثر
أبناؤهم نفسيًا بانفصالهم.
لكن من المهم أن نتذكر أن الأطفال يتأذون
من الصمت البارد والمشاعر المكبوتة أكثر من تأذيهم من الطلاق ذاته.
أحيانًا يكون الانفصال الواعي — القائم على الاحترام والوضوح — أفضل من البقاء
في زواج مليء بالتوتر.
مبرر "الأمور ليست بهذا السوء"
كثيرون يختارون البقاء لأن "الوضع يمكن احتماله".
ربما لا توجد مشاجرات عنيفة، وربما لا يزال هناك احترام متبادل، فيقنعون
أنفسهم بأن "الاستقرار أهم من السعادة".
لكن مع مرور الوقت، يصبح هذا الاستقرار الزائف نوعًا من الجمود العاطفي.
البقاء بدافع الاعتياد لا يُشبه البقاء بدافع الحب.
وقد يخدعنا العقل حين يقول: “الأمور ليست سيئة كفاية للمغادرة”، بينما القلب
يهمس بصوت خافت: “لكنها ليست جيدة كفاية للبقاء.”
كيف تتخذ قرارك بوعي وطمأنينة؟
قبل أي قرار، توقف قليلًا وتأمل نفسك بصدق.
اسأل نفسك: هل أنا أبقى لأن هناك فرصة حقيقية للإصلاح؟ أم لأنني خائف من
التغيير؟
إذا كانت علاقتك لا تزال تتيح مساحة للحوار والنمو، فربما تستحق المحاولة من
خلال العلاج الزواجي أو الاستشارة النفسية.
أما إذا كانت العلاقة تستنزفك نفسيًا وتفقدك إحساسك بذاتك، فقد يكون الوقت قد
حان لاتخاذ قرار مختلف.
تذكّر أن الطلاق ليس فشلًا، بل يمكن أن يكون
خطوة نحو شفاء أعمق وصدق أكبر مع النفس.
وحتى إن قررت البقاء، فليكن بوعي لا بخوف .
الأسئلة الشائعة
هل التفكير في الطلاق يعني أنني ضعيف؟
ليس بالضرورة. التفكير في الطلاق أحيانًا هو تعبير عن وعي وصدق مع الذات. المهم هو أن تتأمل الأسباب لا أن تندفع نحو القرار.
ماذا لو ندمت بعد الطلاق؟
قد الندم احتمال طبيعي، لكنه لا يجب أن يشلك. القرار الواعي لا يُبنى على العاطفة اللحظية بل على تقييم عميق لتجربتك ومشاعرك.
هل يمكن أن ينجح الزواج بعد الخيانة؟
يمكنك الاعتذار عن الجزء الذي تتحملفي بعض الحالات نعم، إذا وُجد استعداد صادق للإصلاح والشفافية. لكن إذا انعدم الأمان والثقة، فإعادة البناء قد تكون صعبة جدًا.
كيف أعرف أن الوقت قد حان للرحيل؟
في هذه الحالة، يكفي أنك قمت بما عليك بصدق. القبول عندما تشعر أنك تبذل كل جهدك لكنك تفقد نفسك في الطريق، أو عندما يصبح البقاء مؤلمًا أكثر من الفراق.
كيف أتعلم الاعتذار بصدق؟
ابدأ بملاحظة مشاعرك عند الخطأ، ثم عبّر عنها ببساطة دون تبرير. استخدم كلمات مباشرة مثل "أفهم أنك تأذيت، ولم يكن ذلك قصدي". الصدق هو مفتاح الاعتذار الحقيقي.
وفي النهاية تذكّر، إذا وجدت نفسك ما زلت عالقًا بين البقاء والرحيل، فلا تشعر باليأس. الحيرة ليست فشلًا، بل إشارة إلى أنك تحاول أن تكون صادقًا مع نفسك. والوعي هو أول خطوة نحو القرار الصحيح.
في معالج نفساني دوت كوم، يمكنك التحدث مع الدكتور طارق عبد السلام ومشاركة ما
يدور بداخلك في بيئة آمنة وهادئة. أحيانًا كل ما تحتاجه هو صوت متخصص يساعدك
على رؤية الصورة بوضوح وطمأنينة.
👈 احجز جلستك الأولى الآن، وابدأ رحلتك نحو علاقة أكثر صدقًا وسلامًا مع نفسك
ومع من تحب.
احجز جلستك مع الدكتور طارق عبد السلام

0 تعليقات